الصورة: مهدي شبيل
رغم المخاطر الأمنية والقضائية التي تهددهم، يواصل ناشطو جمعية "لاروايا سيتوايان" في جبال وغابات الحدود الفرنسية الإيطالية دعمهم التضامني للمهاجرين. ريبورتاج حول توزيع الجمعية للأطعمة على المهاجرين على الجانب الإيطالي.
يجتمع ناشطو جمعية "لاروايا سيتيويان" الليلة في بيت "باك"، وهو اللقب الذي يفضل أن ينادى به هذا الرجل الستيني صاحب اللحية البيضاء الكثة والطويلة، الذي يقطن في بلدة "سورج" بجبال "لاروايا" التابعة لإقليم "ليه زالب كوت دازور".
مساء كل اثنين يفتح "باك" بيته لناشطي الجمعية لتحضير الأطعمة التي تقدم للمهاجرين خلف الحدود الفرنسية وتحديدا في مدينة فانتيمي على التراب الإيطالي، وترتيبها فيما بعد في أكياس وصناديق من الكارتون قبل أن تشحن في سيارات.
تقوم جمعية "لاروايا سيتوايان" بتحضير أكثر من 150 وجبة عشاء، وأعدت هذا اليوم 165، قال عنها "باك"، وهو يداعب شعيرات لحيته، بأنها "متكاملة"، تشمل الخضر والبيض وجبنتين إضافة إلى الخبز.
ويعتبر "باك" مسؤولا في الجمعية عن توزيع الطعام على المهاجرين. وبحسبه، لا تعاني "لاروايا سيتويان" في الوقت الحالي من أي مشكلة على مستوى الإمكانيات، وتصلها المساعدات من جميع مناطق العالم.
اشتكى "باك"، الذي كان محاطا بمجموعة من ناشطي الجمعية، كثيرا من الرقابة الأمنية المفروضة على جبال "لاروايا" وغاباتها لمحاربة تسلل مهاجرين إلى الأراضي الفرنسية قادمين من إيطاليا. وانتقد بشدة تعاطي الحكومة الفرنسية مع أزمة المهاجرين.
في حدود الساعة السابعة مساء، أعلن "باك" انطلاق عملية نقل الأطعمة إلى المهاجرين خلف الحدود الفرنسية، وقرر اليوم أن يرافق الموكب لـ"شحذ عزيمة المشاركين فيها أمام الضغط الأمني"، الذي يقول ناشطو "لاروايا سيتوايان"، إنه يمارس عليهم بشكل يومي جراء تحركاتهم التضامنية مع المهاجرين.
قام أفراد الجمعية بشحن ثلاث سيارات بالأطعمة، ليتوجه الموكب بعدها إلى مدينة مانتيني على الجانب الإيطالي، حيث كان في انتظاره حوالي مئة مهاجر في مرآب أحد المحلات التجارية الكبرى.
بعد 45 دقيقة من السير على الطريق الرابط بين فرنسا وإيطاليا دون احتساب مدة وقفتين: الأولى لتسلم الخبز من إحدى المخابز المساهمة في العملية، والثانية لشرب فنجان قهوة قبل متابعة السير، توقفت السيارات الثلاث في المرآب وسط طقس بارد جدا، ليحتشد حولها ما يناهز مئة مهاجر.
مهاجرون يتدافعون في فانتيمي الإيطالية للحصول على الطعام
كان البعض من هؤلاء المهاجرين يحاول أن يحصل على أكبر نصيب من الطعام، ما تسبب في التدافع، والتلاسن فيما بينهم في بعض الحالات، إلا أن مسؤولي جمعية "لاروايا سيتوايان" يؤكدون أنهم يحملون من الطعام ما يكفي الجميع، فيما قال أحدهم إنهم إن كانوا يتدافعون للحصول على لقمة خبز فهذا يعني أنهم في حاجة ماسة للطعام.
وحسب هؤلاء المهاجرين، فهم لا يجدون صعوبة في الحصول على الطعام بفضل العمل الخيري المتواصل التي تقوم به مجموعات من الجمعيات الفرنسية بينها "لاروايا سيتوايان"، حيث تقوم جمعية فرنسية كل مساء وفي نفس التوقيت بإحضار الأطعمة إلى هذا المكان وتوزعها على الجميع، فيما استغرب المهاجرون لغياب الجمعيات الإيطالية عن هذه الحركة التضامنية.
وتتراوح أعمار المهاجرين الذين يأتون لهذا المرأب بحثا عن الطعام، يقول البركة، وهو شاب ليبي في الـ19 من العمر، بين 17 و56 عاما، غالبيتهم ينامون في الشوارع والطرقات في انتظار الفرصة المواتية للعبور إلى فرنسا.
وكل منهم له تجربته مع محاولة اجتياز الحراسة الأمنية المشددة بمنطقة "لاروايا" التابعة لإقليم "ليه زالب كوت دازور" في الجنوب الشرقي الفرنسي، لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل حتى الآن، إلا أنهم يصرون على معاودة الكرة من جديد، كما يؤكد الشاب الليبي البركة.