طريق الهجرة الوعر
عبر جبال "لاروايا" الفرنسية

منوني...باحث جامعي تشده قيم التضامن مع المهاجرين
الحلقة الرابعة

أنقر هنا للتصفح


  الصورة: مهدي شبيل

بعد أن قام بمساعدة مهاجرات صوماليات للمرور عبر منطقة "لاروايا" الحدودية بين فرنسا وإيطاليا نحو نيس، وجد الباحث الجامعي بيير مانوني نفسه وسط زوبعة إعلامية إثر اعتقاله وتعرضه للمحاكمة بتهمة مساعدة مهاجرين.

تحول الباحث الجامعي بيير منوني إلى أحد الأسماء المعروفة فرنسيا في شأن القضايا المرتبطة بالمهاجرين، إثر تعرضه للملاحقة القضائية جراء نقله مهاجرات صوماليات من جبال "لاروايا"، على الحدود الفرنسية الإيطالية، نحو محطة قطار بإقليم نيس في يناير/ كانون الثاني 2016.

واستقبلنا هذا الباحث في البيئة البحرية بإحدى القاعات في جامعة نيس، للرد على أسئلتنا حول الأسباب التي دعته إلى التعاطف مع المهاجرين، أجاب عنها بنوع من الانفعال الظاهر على ملامح وجهه وحركات يديه، لما لمبدأ التضامن من مكانة لديه، فيما ظل صوته خافتا، يحمل نبرة ألم لا يمكن تفسيرها إلا بتعاطفه مع هؤلاء.



مصدر اهتمام مانوني بالمهاجرين

  منوني يقدم شروحات حول منطقة "لاروايا"

اهتمامه الشديد بالبسطاء من القرويين في مرتفعات "لاروايا"، ساعده على اكتشاف الجانب الإنساني والاجتماعي في علاقة هؤلاء ببعضهم البعض ومع الآخرين وخاصة بالمهاجرين، لما يقدمه العديد منهم من مساعدة لهم. وانطلقت علاقته بهم بدءا من أسواق نيس، حيث كان يقصدها لشراء الجبن، لتكبر شيئا فشيئا وينسج صداقات قوية، يحافظ عليها حتى الآن.

"أحب الكرم والتضامن السائد لدى هؤلاء القرويين"، يقول مانوني، ويعتبرها من "القيم" التي تكاد تندثر في المدن، ما دفعه لربط علاقات واسعة مع هؤلاء في "لاروايا"، حيث يزور باستمرار أصدقاءه بالمنطقة. ولا يخفي أنه ينوي الاستقرار يوما في هذه الجبال.



نقل قيم التضامن للأبناء
  منوني يزور من حين لآخر "لاروايا" برفقة ابنيه

نظرا لتعلقه الكبير بـ"قيم المساعدة والتضامن"، يحاول مانوني أن يغرسها في ابنيه، 12 و14 عاما، على طريقته، إذ توجه في مناسبات معهم إلى "لاروايا" لمنح ملابس لمهاجرين، وإن كان بإمكانه أن يقوم بذلك عبر جمعيات، إلا أنه يفضل ملاقاة المهاجرين مباشرة والتحدث لهم. "الاتصال بهم في حضور أبنائي مهم جدا"، يعتبر مانوني.

"طبعا أبنائي فخورون بي"، يقول الباحث الجامعي بابتسامة رقيقة تعلو محياه. ويرى أن هؤلاء المهاجرين يسمحون لأبنائه أيضا بالاطلاع على العالم وما يجري فيه. وإن كان تردد كثيرا في البداية للإجابة عن سؤال إن هو نجح فعلا في غرس كل القيم التي يؤمن بها في نفسي ابنيه، إلا أنه انتهى به المطاف للتأكيد على أنهما يسيران على خطاه.



إصرار على مساعدة المهاجرين رغم التهديد القضائي
  منطقة "لاروايا" حيث ساعد منوني مهاجرين في عدة مناسبات

يحكي مانوني قصته مع أربع سودانيات كن في جبال "لاروايا" يعبرن أدغالها مشيا على الأقدام في طقس بارد جدا، وهن يجهلن الوجهة التي يؤدي إليها طريقهن، حيث عرض عليهن أن يساعدهن، وبعدد القليل من التردد قبلن ذلك، فأخذهن إلى منزله، وقضين إلى جانب ابنيه أمسية يبدو واضحا من خلال حديثه أنها خلفت أثرا عميقا في أسرته برمتها. وفي اليوم الموالي نقلهن إلى محطة القطار لإكمال رحلتهن، رغم التهديد الأمني والقضائي الذي يواجهه في حال توقيفه.



 تشديد المراقبة الأمنية على أهم المحاور الطرقية بمنطقة "لاروايا"

وتعرض مانوني للمحاكمة لنقله ثلاث إريتريات على متن سيارته عبر الطريق السيار الرابط بين منطقة "لاروايا" ونيس، حيث اعتقلته قوات الأمن عند نقطة الأداء كما تم توقيف الفتيات الثلاث، ووجهت له تهمة نقل مهاجرات غير شرعيات قبل أن تتم تبرئته من قبل القضاء.

ورغم تعرضه للملاحقة القضائية، فهو يصر على أن يظل يقدم المساعدة للمهاجرين كلما سمحت له الظروف بذلك، وإن كان لا يخفي توخيه الحذر في خطواته المقبلة، مؤكدا أنه "لا يعمل ذلك لأهداف سياسية، وإنما بغاية إنسانية محضة".