طريق الهجرة الوعر
عبر جبال "لاروايا" الفرنسية

سيديرك هيرو... الوجه الفرنسي للتضامن مع المهاجرين
الحلقة الخامسة

أنقر هنا للتصفح


  الصورة: مهدي شبيل

تعرض سيدريك هيرو للملاحقة القضائية جراء مساعدته للمهاجرين، وأصبح منذ شهور الوجه الفرنسي للتضامن مع المهاجرين. "مهاجز نيوز" زاره في منزله في بلدة براي في جبال "لاروايا" في إقليم "ليزالبه كوت دازور" بجنوب شرق فرنسا.

على رأس أحد جبال "لاروايا" على الحدود الفرنسية الإيطالية في بلدة براي، يقيم سيدريك هيرو، 37 عاما، في مسكن متواضع، تحول في الأسابيع الأخيرة مزارا للصحافيين سواء من فرنسا أو من خارجها، كما كان في وقت سابق محل اقتحام من قبل قوات الأمن بسبب مساعدته للمهاجرين.



هيرو...الوجه الطفولي

  هيرو يستقبل "مهاجر نيوز" في منزله

للوصول إلى منزله، كان علينا أن نتوجه عبر مسلك صغير في جبال "لاروايا" متوخين الحذر بسبب صعوبته وتفاديا لسقوط مفاجئ، فيما أصوات الدجاج تبدد السكون السائد، وبين الفينة والأخرى نسمع صوتا ذو نبرة خفيفة، سنكتشف فيما بعد أن لسيدريك هيرو.

بوجه طفولي غارق في لحية كثة، وشعر طويل يكسو الرأس مشدود نحو الخلف، يستقبلنا هيرو بابتسامة رقيقة تخفي جزءا مهما منها لحيته الكثة، إلا أنها تظهر بجلاء عبر بريق يطلع من عينيه.

يبدو هيرو مشغولا بأكثر من مهمة، بين الرد على الهاتف والحديث مع ناشطين حاضرين إلى جانبه ودردشة مع صحافي من "واشنطن بوست"، ويعود أخيرا إلى "سيدي محمد" كما يناديه، وهو مهاجر سوداني يستضيفه في بيته منذ أيام.



محمد "ضيف" سيدريك هيرو
  هيرو يعد الطعام لضيفه المهاجر السوداني "السي محمد"

يمكن القول إن "سيدي محمد" من المهاجرين المحظوظين، حيث وجد في طريقه بمنطقة "لاروايا" الفرنسية، قادما إليها من إيطاليا سيرا على الأقدام، شخصا على دراجة نارية، قاده بعد ذلك إلى سيدريك هيرو الذي يستضيفه.

يرعى هيرو "سيدي محمد" كأحد أبنائه. فبعد أن أعد وجبة بسيطة من البيض والجبنة، دعا الشاب السوداني إلى مائدة الأكل، طالبا منا وقف توجيه الأسئلة إليه لكي يتناول الطعام، ويتقاسمان معا وجبة الغداء.

يوم التقينا بهيرو، كان مضى على وجود محمد لديه أربعة أيام، إلا أنه لا يخفي أنه يعد الدقائق في جبال "لاروايا" وينتظر بـ"شوق كبير"، حسب تعبيره، اللحظة التي يغادر فيها المنطقة.



 هيرو يتقاسم وجبه الغداء مع "السي محمد"

ورغم الاهتمام الذي يوليه له سيدريك هيرو، يشعر "سيدي محمد" بـ"العزلة"، لكونه لا يتحدث الفرنسية، ولا يمكن أن يتواصل بالشكل المناسب مع مضيفه هيرو وزائريه الكثيرين بالشكل الذي يريد.

وقال سيديريك هيرو إن "سيدي محمد ليس محتجزا هنا يمكن أن يغادر المنزل في أي وقت يريد"، موضحا في الوقت نفسه أنه بصدد القيام بالإجراءات الإدارية حتى تتكفل به المصالح التي تعنى بالأطفال في عاصمة الإقليم مدينة نيس، باعتبار أن عمره "لا يتجاوز 17 عاما".



هيرو...أيقونة الحركة التضامنية في "لاروايا"
  هيرو أمام باب منزله المتواضع

ينظر الفرنسيون إلى سيديريك هيرو في منطقة "لاروايا" كرمز للتضامن الإنساني مع المهاجرين، وتحول منذ أشهر إلى أيقونة استأثرت باهتمام وسائل الإعلام الفرنسية والدولية. استقبل هيرو حوالي 200 مهاجر في منزله حتى اليوم، واستضاف في إحدى المرات 60 منهم دفعة واحدة.

ورغم الملاحقات القضائية التي تعرض لها بسبب مساعدته للمهاجرين، كان آخرها تغريمه ثلاثة آلاف يورو مع وقف التنفيذ، لا يفكر هيرو نهائيا في أن يتوقف عن مساعدة المهاجرين، إلا أنه ينفي أن يكون نقل أحدهم من مدينة فانتيمي الإيطالية على الحدود مع فرنسا، وفق ما اتهم به في وقت سابق.



 سرب من الدجاج عند مشارف منزل هيرو

ويتردد في جبال لاروايا أن المهاجرين الموجودين خلف الحدود الفرنسية، يعرفون اسم سيدريك هيرو جيدا، ويحاولون الوصول إلى منزله طلبا للمساعدة. ولهذا، يعتقد أنه "ملاحق باستمرار من قبل القوى الأمنية" المحلية.

ويعتبر هيرو في تصريحه لـ"المهاجر نيوز" أن المنتخبين عن المنطقة والدولة أداروا ظهورهم لأزمة المهاجرين هناك. ويقوم الناشطون "وفق ما تسمح به إمكانياتهم بالتعاطي مع المشكلة"، ويؤكد بخطاب حذر أن تحركاته لصالح المهاجرين، تسير اليوم وفق ما يسمح به القانون.